"تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"

قصة المثل "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها"

المثل العربي الشهير "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" يعبر عن الكرامة والشرف، وأن المرأة الحرة تفضل الجوع على أن تتخلى عن شرفها وكرامتها. يرتبط هذا المثل بقصة قديمة تُروى عن الحرث بن سليل الأسدي، وهو سيد من قبيلة بني أسد.

قصة المثل

كان الحرث بن سليل الأسدي حليفًا لعلقمة بن خصفة الطائي. ذات يوم زار الحرث علقمة ورأى ابنته، وكانت من أجمل نساء زمانها. أعجب بها وقرر أن يخطبها، فقال لعلقمة: "أتيتك خاطبًا، وقد يُنكح الخاطب، ويُدرك الطالب، ويُمنح الراغب."

وافق علقمة على الزواج وقال: "أنت كفؤ كريم، يقبل منك الصفو، ويؤخذ منك العفو. أقم، لننظر في أمرك." ثم ذهب علقمة إلى زوجته وأخبرها بأن الحرث بن سليل سيد قومه قد خطب ابنتهما. فطلب منها أن توافق على الزواج وألا يترك الحرث قريتهم دون تحقيق مراده.

بدأت الأم بالتحدث مع ابنتها، وسألتها: "أي الرجال أحب إليك، الكهل الجحجاح الواصل المناح، أم الفتى الوضاح؟" أجابت الفتاة بأنها تفضل الفتى الوضاح على الشيخ الكهل. ولكن الأم حاولت إقناعها بأن الشيخ سيمنحها الاستقرار والأمان، بينما الفتى قد يغيرها بمرور الوقت. وبعد محاولات عديدة، استطاعت الأم إقناع ابنتها بالزواج من الحرث.

تزوج الحرث الفتاة على مهر كبير، يتألف من مئة وخمسين من الإبل، وخادم، وألف درهم. وبعد الزواج، رحل بها إلى قومه.

ذات يوم، بينما كان الحرث جالسًا في فناء قومه وزوجته بجانبه، مرّ بهم مجموعة من الشباب الذين كانوا يتصارعون ويستعرضون قوتهم. شعرت الزوجة بالحنين إلى الشباب والنشاط، وتنهدت ثم بكت. لاحظ الحرث ذلك وسألها عن سبب بكائها، فأجابت: "ما لي وللشيوخ الناهضين كالفروخ؟" بمعنى أنها حزينة لأنها تزوجت رجلًا كهلًا وغير قادر على تلبية احتياجاتها الزوجية بالطريقة التي يرغب بها الشباب.

عندها غضب الحرث وقال: "ثكلتك أمك، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها." بمعنى أنه يرفض أن تبقى معه امرأة تتمنى ما ليس لها وتبكي على شبابها الضائع. قرر الحرث أن يطلقها ويعيدها إلى أهلها، وأخبرها أنه شارك في العديد من الغارات وحصل على الغنائم ولكنه يفضل أن يحتفظ بكرامته على أن يبقى مع امرأة لا تقدر ذلك.

الخلاصة

المثل "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" يُستخدم للدلالة على أن الكرامة والشرف أهم من المال والمنافع الدنيوية. القصة توضح أن الحرية والشرف لا يُشترى بالمال، وأن المرأة الحرة تفضل الحفاظ على كرامتها حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن حياة مريحة.